فروع شجرة "البن السعودي" تتمدد نحو العالم
فبراير 2024,19


أطلقت مدينة جازان، جنوب السعودية؛ أخيراً النسخة الأولى للمعرض الدولي للبن السعودي، الذي تعدّه المنطقة ليكون منصة ينطلق منها المنتج المحلي الشهير لتحقيق مستهدفاته الدولية.

وبحسب الرئيس التنفيذي المكلف للمكتب الاستراتيجي في المنطقة، عبدالله الفيفي، فإن المعرض يأتي في سياق الجهود التي بذلت من جميع "مناطق البن" في السعودية، على أن يكون منصة لجميع المنتجين في مختلف المناطق وليس في جازان فقط.

وحرصت المناسبة الجديدة على أن تلعب دورًا في جعل المدينة التي تقع في أقصى الجنوب الغربي للبلاد داعمًا لوجستيًا لكل منتجي القهوة السعودية، إذ شهد اليوم الأول منها وحده، توقيع 10 اتفاقيات بين المكتب ومدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية، وعدد من الشركات المحلية والدولية العاملة في هذه الصناعة، في سبيل تسهيل عمليات التوريد بمستهدف نهائي يسعى لتحويل المدينة الساحلية على البحر الأحمر، مركزًا دوليًا لتوريد أحد أكثر المشروبات شهرة حول العالم.

 

"قمم البن"

وبدأت السعودية في السنوات الأخيرة الالتفات بشكل غير مسبوق إلى مقوماتها الزراعية انطلاقًا من "قمم البُن" التي تعانق سماء الجزء الجنوبي الغربي من المملكة.

وتمتد خريطة القهوة السعودية التي تملك تجارب طموح  في زراعة السلعة الشعبية النادرة بجودة عالية على 4 مناطق، ابتداءً من جازان، متفرقة على عدة محافظات مثل "الدائر وفيفا والعيدابي وهروب والريث والعارضة"، وصولًا إلى الباحة في قطاعها الجبلي، وبعض الأجزاء من عسير. بالإضافة إلى منطقة نجران التي تملك تجربة ناجحة في زراعة البن بكميات محدودة مقارنة بشقيقاتها الأخريات.

وتنتج هذه المناطق ما يتجاوز 1810 طنًا سنويًا من البن، فيما يبلغ عدد المزارع في جازان وعسير والباحة 2535 مزرعة، تحتوي على قرابة 400 ألف شجرة، بالإضافة إلى 500 مزرعة نموذجية، بحسب أرقام رسمية.

وتستمد هذه التجارة أهميتها من حجم الاستهلاك الكبير لهذه الثروة الصناعية.

 فمنذ 2016 والمملكة تشهد نموًا سنويًا لاستهلاك القهوة بحوالي 4 %، فيما يتوقع أن ينمو القطاع بنسبة 5 % خلال السنوات المقبلة ليصل إنتاجه إلى 29700 طن يتم استهلاكها بنهاية عام 2026، ما يجعله قطاعًا مغريًا للاستثمار.

 

طلب متزايد وأرقام واعدة

ولا تقتصر الإغراءات الاقتصادية على الاستهلاك المحلي، إذ تعد القهوة المشروب الأكثر استهلاكًا في العالم بعد الماء والشاي، وتتنازع سيادتها أكثر من 50 دولة في أمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا. 

إلا أن اقتصاد الـ"كَيف" بات مهدداً على امتداد حزام البن في العالم، خاصةً نوع الـ"أرابيكا" الذي تنحدر منه سلالات البن السعودي، بفعل عوامل منها وقوع عدد من دوله في نطاق أزمات سياسية وأمنية مثل أثيوبيا وأوغندا واليمن، أو ارتفاع تكلفة الشحن بعد التضخم الذي ضرب العالم عقب الحرب في أوكرانيا، فضلاً عن توتر الملاحة في البحر الأحمر أخيرًا.

ولعبت هذه الظروف وسواها دورًا في إعادة ترتيب خريطة الإنتاج، خاصةً من الدول التي لا تملك قدرة على احتواء مثل هذا النوع من الصدمات مما سمح بدخول منافسين جدد. 

ولهذا السبب تسعى السعودية لجعل 13 محافظة في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد مصدرًا رئيسيًا لإنتاج البن، ورفع مساهمته في الاقتصاد الوطني، فيما أعلنت وزارة البيئة والمياه والزراعة عزمها زراعة 1.2 مليون شجرة بحلول 2026.

ولم تكتف فقط بخطوات الإنتاج، بل عززت حفظه وتوثيقه، عبر تسجيله في قائمة "اليونسكو" للتراث غير المادي.

فيما تم اعتماد تسمية "القهوة السعودية" لدى مزودي خدمة الضيافة والمبيعات في جميع المحال التجارية السعودية، كخطوة ترمي إلى توثيقه بوصفه منتجًا وطنيًا، كما أفادت وزارة البيئة والمياه والزراعة.

 

وفي سبيل تحقيق المستهدفات المرتبطة به، أطلق صندوق الاستثمارات العامة، الذراع الاستثماري العملاق، شركة للقهوة السعودية، التي تهدف إلى صناعة التغيير في القطاع من خلال تدريب المزارعين على تنفيذ الممارسات المستدامة، وإنشاء المزارع الحديثة لتعزيز سلسلة القيمة المرتبطة بإنتاج البن.

هذه العوامل، بالإضافة إلى العوامل الجيوسياسية والبيئية تجعل من قدرة السعودية على استغلال المقومات الطبيعية للتقدم السريع في الصناعة أمرًا ممكنًا.

ويعتبر البن من أكثر السلع تبادلًا دوليًا، ويزرع على مساحات تتجاوز 10 ملايين هكتارًا في أكثر من 50 دولة، في حين يعتمد حوالي 125 مليون شخص في قارات العالم المختلفة على هذه الصناعة لمعيشتهم، ليتم تقديم 500 مليار كوب قهوة كل عام. ويمثل نوع الأرابيكا 65 % من إجمالي الإنتاج التجاري في العالم، ويليه الروبوستا بـ35 %، بحسب آخر مؤشرات القطاع الدولية.


جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023