مزدلفة/ منى، المملكة العربية السعودية، 28 يونيو 2023 – أدّى ضيوف الرحمن، في اليوم الثالث من الحج، يوم الأربعاء، سلسلة من الشعائر في مشعر مِنى المقدس. وتزامن ذلك مع احتفال المسلمين في كل أنحاء العالم بعيد الأضحى المبارك. يستمر الحج حتى يوم السبت 1 يوليو.
وعلى خطى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، أدى الحجاج الصلاة فجر يوم الأربعاء (10 ذو الحجة 1444 هـ)، ثم توجهوا من مزدلفة إلى مشعر مِنى بالقرب من مكة المكرمة، حيث أدّوا مشاعر ترمز إلى "رجم الشيطان"، إذ ألقى كل منهم سبع حصى على جمرة العقبة أو الجمرة الكبرى، وهي أكبر العواميد الثلاثة.
وقد جرت العادة في هذا اليوم، ومن بعد رجم جمرة العقبة، أن يؤدّي الحجاج بعض الطقوس. فيبدأون بذبح الأضاحي، ومن ثم يحلقون رؤوسهم ويؤدّون الطواف حول الكعبة المشرّفة، وصولًا إلى طقوس السعي أي العبور بين تلال الصفا والمروة. وبحسب السنة النبوية، يكمل الحجاج مناسكهم، فيبقون في مِنى أيام التشريق الثلاثة، اي 11 و12 و13 ذي الحجة (29 ينيو- 1 يوليو).
تتم حركة الحجاج بنجاح كبير وفقًا للخطط المُعدة بدقة، ومن خلال تنفيذ الإجراءات الوقائية. وقد كانت كل الفرق على أهبة الاستعداد، من الأمن والصحة والمرافق الصحية والدفاع المدني، لضمان سلامة وأمن وراحة الحجاج الذين تجمعوا في باحات جسر الجمرات، وعند مداخله ومخارجه.
وكانت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد قد أعلنت في السابق عن بلوغ جميع الحجاج مشعر مزدلفة بنجاح، وذلك بعد تجمعهم في جبل عرفات يوم الثلاثاء، وهو ما يُعتبر ذُروة مناسك الحج.
في غضون ذلك، احتفل المسلمون في كل أنحاء العالم بأول أيام عيد الأضحى.
وفي هذه المناسبة، ووفقًا لوكالة الأنباء السعودية الرسمية، بعث خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان، برقيات تهنئة إلى قادة الدول الإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك، "داعين الله تعالى لتقبّل الحسنات من الجميع، وبأن تُعاد هذه المناسبة السعيدة على الأمة الإسلامية بالمجد والقوة، وبالمزيد من التقدم والازدهار".
كما أعرب قادة العالم، بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، عن أحرّ تمنياتهم وتحياتهم للمسلمين عمومًا، وللذين يؤدون مناسك الحج في المملكة العربية السعودية خصوصًا.
بلغ عدد الحجاج لهذا العام 1444 هـ (2023م) أكثر من 1,85 مليون حاج، منهم 1,66 مليون حاج أجنبي قدموا من مختلف الدول عبر الموانئ الجوية والبحرية والبرية، و 184,130 حاجًا محليًا من السعوديين والمقيمين في السعودية. وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن 4951 حاجًا من 92 دولة كانوا ممن اختيروا في إطار برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، والذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد بالتعاون مع مختلف القطاعات الأخرى.
خطاب ولي العهد
ذكرت وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أن صاحب السمو الملكي ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان، استقبل نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في الديوان الملكي بقصر الميناء، عددًا من الأمراء، إلى جانب مفتي المملكة، وكبار العلماء والشيوخ، وكبار المسؤولين في دول مجلس التعاون الخليجي، والوزراء، وقادة القطاعات العسكرية، وفرق الكشافة المشاركة في الحج هذا العام.
وقال سمو ولي العهد في كلمة له خلال الاجتماع:
"يطيب لنا نيابة عن سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ، أن نهنئكم ونهنئ المواطنين والمقيمين وحجاج بيت الله الحرام بعيد الأضحى المبارك، ونسأل الله العلي القدير أن يعيده على بلادنا وعلى الأمة الإسلامية، وهي تنعم بالخير والسلام."
وأضاف سموه: "إن ما تقدمونه من جهود مباركة، وما تقومون به مع أجهزة الدولة الأخرى، من أعمال متواصلة لخدمة حجاج بيت الله الحرام، والسهر على راحتهم، والحفاظ على أمنهم؛ هو محل فخرنا واعتزازنا، وسنواصل - بحول الله - بذل الجهود وتسخير الإمكانيات، لتيسير أداء الحج كل عام إلى ما لا نهاية"
وتابع بالقول: " إن التضحيات الكبيرة وأعمال الشرف والبطولات التي تقومون بها، حفاظاً على أمن بلادكم، ومقدساتها؛ هو نهج سار عليه أبناء هذه البلاد منذ تأسيسها، ولن يتوانوا عن حماية أمنها وصون استقرارها وحفظ مقدراتها."
وختم سموه بالقول: " نسأل الله أن يحفظ هذا الوطن، ويديم عليه نعمة الخير والأمان والأمن."
وألقى الفريق محمد بن عبدالله البسامي مدير الأمن العام، ورئيس لجنة أمن الحج كلمة بالنيابة عن القطاعات العسكرية المشاركة في مناسك الحج، حيث أكد أنه قد تم تنفيذ الخطط الأمنية الخاصة بالحج هذا العام بسلاسة تامة حتى الآن، وفقًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الملكي ولي العهد.
وأكد أيضًا أن النجاح في تنفيذ الخطط حصل بفضل جهود وزير الداخلية، ورئيس لجنة الحج العليا، والإشراف المباشر على العمليات من قبل أمير منطقة مكة المكرمة، ورئيس لجنة الحج المركزية، وأمير منطقة المدينة المنوّرة، ورئيس لجنة الحج والزيارة، قال: "لقد أسهمت هذه الجهود في تعزيز الخطط الأمنية والتنظيمية الهادفة إلى منع أي محاولة ممكنة لزعزعة أمن الحج، وضمان الأمن والسلامة والراحة للحجاج".
وقد عرض مسؤولون من وزارات الحج والعمرة والصحة والداخلية والنقل والخدمات اللوجستية، في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء، كل جديد حول أوضاع الحجاج في اليوم الثالث من الحج.
فقال العقيد طلال الشلهوب، المتحدث الأمني باسم وزارة الداخلية إن عمليات انتقال وتفويج الحجاج تتم بنجاح كبير ووفق الخطط. وأضاف مؤكدًا أن "القوى الأمنية ستواصل مهامها بإدارة الحشود في كل المنشآت في المشاعر المقدسة".
من جهته، تحدّث الدكتور عايض الغوينم، وكيل وزارة الحج والعمرة لشؤون الحج ذاكرًا أن انتقال الحجاج من مشعر عرفات إلى مزدلفة تم بكفاءة. وقال: "إن انتقال الحجاج من مزدلفة إلى مِنى تم خلال 10 ساعات مع مراعاة كل المتطلبات". وأضاف:" إن عمليات ذبح الهدي والأضاحي تمت وفقًا لأفضل المعايير البيئية".
بدوره قال الدكتور محمد العبدالعالي، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة، إنّ عدد المستفيدين من الخدمات الصحية خلال الحج حتى يوم العيد بلغ أكثر من 215 ألف مستفيد. وأشار إلى أنه كان هناك 4000 حالة تنويم في المستشفيات، حيث تضع المملكة في خدمتهم أمهر الكوادر بأفضل المقدرات. وأضاف الدكتور العبد العالي أنه كان هناك أيضًا 6700 حالة إجهاد حراري بسبب ارتفاع حرارة الطقس، كما قدّمت خدمات المستشفى الافتراضي 3500 استشارة لحجاج هذا العام.
وأعلن صالح الزويد، المتحدث باسم منظومة النقل والخدمات اللوجستية، إنه تم نقل أكثر من 396 ألف حاج من مزدلفة إلى مِنى عبر قطار المشاعر. وقال "نحن نستعد لتشغيل الخدمات الخاصة بمرحلة المغادرة "، مضيفًا أن القطاع الجوي يستعد لخدمات نقل الحجاج عبر 6 مطارات.
‘رجم الشيطان’
تعود أصول مشاعر "رجم الشيطان" إلى حين وسوس الشيطان في رأس النبي إبراهيم بعدم التضحية بابنه اسماعيل، حيث أمره الملاك جبرائيل برجم الشيطان عندما ظهر له في حجر الكومة. في هذه المشاعر دلالة على نبذ نزوات المرء وكل مغريات هذه الدنيا الفانية.
وتتضمن طقوس اليوم الثالث من الحج أيضًا ذبح الأضاحي، والتي ترمز إلى تضحية النبي إبراهيم بابنه إسماعيل أمام الله. ويُترك الخيار للحجاج إما بالمشاركة في هذه الطقوس أو بالتبرع بنصيبهم من الأضحية للجمعيات الخيرية.
بعدها بدأ الحجاج في أداء طواف الإفاضة، أي الطواف حول الكعبة المشرّفة في عكس اتجاه عقارب الساعة في المسجد الحرام بمكة المكرمة. وقد خُصصت إجراءات مدروسة ودقيقة لإدارة الحشود وتنظيم دخول الحجاج إلى المسجد الحرام، وذلك لضمان سلامتهم وأمنهم وراحتهم. ونظمت لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، عملية دخول وخروج الحجاج، بالتعاون مع كل الجهات المعنية الأخرى.
وقد أعرب العديد من الحجاج المشاركين في برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين للحج والعمرة، عن عميق امتنانهم وتقديرهم للملك سلمان بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء محمد بن سلمان على رعايتهما واهتمامهما الكبير بالحجاج.