مكانة الزعيمة "حنّات" والنبطيات تستوقف وفد اليونسكو
سبتمبر 2023,16

تحط طائرة وفد لجنة التراث العالمي الذي يزور السعودية في "العلا"، ضمن جدول الزيارة التي يجريها أعضاء المنظمة الدولية التي تقيم دورتها الـ45 للجنة في الرياض، وكان من بين ما استوقف الزوار مكانة المرأة في المنطقة آنذاك، عبر ما يكشف عنه تاريخ الزعيمة "حنات" والنبطيات جدات العرب في العصور السابقة.

وليس مستغربًا أن تكون محافظة العُلا التي تقع شمال غربي البلاد في خارطة جدول الأعمال، وهي التي تعد جوهرة التراث السعودي بتاريخ يمتد لآلاف السنين لمعمارها الصخري المنحوت في الجبال، إلا أن هذه الأصول ليست أكثر ما يمكن أن تطلع عليه الوفود الأجنبية قيمةً.

"حنّات" السيدة النبطية التي تبرز بوجهها المعاد تمثيله طبقًا للأصل في استقبال زوار العلا، لديها كثير لترويه للمسؤولين الذين يجتمعون لبحث أفضل السبل لحفظ التراث. وهي التي نجحت في حفظ اسمها كجزء من حضارتها في مدفن لم يحظ طيلة التاريخ بحماية وعناية خاصة لأكثر من 2,000 عام، قبل أن تكشف السعودية عنها النقاب مؤخرًا.

كانت حنات، وفق ما تظهر الحفريات، ذات شأن رفيع سمح لها بالحصول على مدفن خاصٍ ونقش باسمها ومعلوماتها منذ القرن الأول الميلادي، فالكشف عن مرقد حنّات يفصح عن شكل المجتمع النبطي، فعلاوة على شكله ولباسه وهيئته؛ يمكن أن تساعد تلك الاكتشافات على معرفة وضع المرأة في تلك الحضارة، فحنّات لم تكن حالة استثنائية إذا ما تم ربط حالة السيدة المكتشفة حديثًا مع مكتشفات أخرى.

ويكشف كتاب "تاريخ دولة الأنباط" للباحث والمؤرخ إحسان عباس، أن المرأة في مجتمع الأنباط كانت تحظى بشخصية مستقلة ومعتبرة، وتعامل على قدم المساواة مع الرجل، مضيفًا "المسكوكات النقدية النبطية تشير إلى أن المرأة بلغت مناصب ملكية، وتسلمت زمام السلطة، ويذكر اسمها ولقبها بشكل مستقل عن اسم الزوج".

ومن أبرز الزعيمات اللواتي تولين قيادة المملكة البائدة بحسب الاكتشافات: شقيلة، وهاجر، وجميلة، وخُلد، وأخريات وثقتهن المخطوطات والعملات النقدية.

ويشير عبّاس إلى مفارقة مهمة، وهي أن أكثر آلهة النبط رفعة ومكانة كانت النساء دون الرجال، مثل "أترعتا" و"زيوس".

ويؤكد أن هذا لم يكن حكرًا على النخب الحاكمة، بل إن كثيرًا من النقوش في مدينة العلا أشارت إلى أكثر من 50 اسمًا لسيدات لم يكنّ قريبات من السلطة لعبن دورًا في مجتمعاتهن، وحصلن بشكل عام على الاستقلال المالي والاجتماعي.

هذه القيم العليا التي تحلّى بها مجتمع ضارب في القدم ساعد في ديمومة آثاره وبقائه دون حماية ممنهجة منذ القرن الرابع قبل الميلاد في غربي وشمالي الجزيرة العربية.



جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023