مئات آلاف المؤمنين يصلون مكة المكرمة لأداء فريضة الحج وسط حرارة الأجواء الصيفية
يونيو 2023,26

الرياض، يونيو 26 - رغم الحرّ الشديد الذي يطغى عادة على طقس المملكة العربية السعودية في هذه الفترة من السنة، تشهد مدينة مكة المكرّمة تجمعًا هائلًا لأكثر من مليوني مؤمن ومؤمنة، أتوا لأداء فريضة الحج هذا العام. وقد ملأ المصلون الذين يرتدون أردية الإحرام البيضاء، المدينة القديمة التي باتت اليوم تضم فنادق فخمة ومراكز تسوّق مكيّفة، حيث وصلوا للمشاركة في الطقوس السنوية.

يتوقّع المسؤولون السعوديون أن تسجّل المدينة هذه السنة رقمًا قياسيًا غير مسبوق لأعداد الحجاج الحاضرين إليها، حيث قال معالي وزير الحج والعمرة توفيق الربيعة، إن موسم الحج هذه السنة قد يضم التجمّع الأكبر في التاريخ، مصرّحًا في مقطع فيديو نشرته الوزارة بأن المملكة: "تستعد لاستقبال أكبر تجمّع إسلامي في التاريخ."

تشمل طقوس الحج الطواف حول الكعبة والوقوف على جبل عرفات، إلى جانب الطقوس الرمزية المتمثلة في رجم الشيطان بالحجارة، وذلك من خلال رمي الحصى على ثلاثة جدران خرسانية ضخمة ترمز إلى الشيطان. وقال الربيعة إن أكثر من مليوني شخص من أكثر من 160 دولة سيشاركون هذه السنة، ما يمثّل زيادة كبيرة مقارنة بالحضور المحدود في العام الماضي البالغ 926 ألف شخص بسبب الوباء.

في العام 2019، بلغ عدد المؤمنين الذين قصدوا المدينة المنوّرة لأداء فريضة الحج حوالي 2.5 مليون شخص، في حين سُمح لـ10 آلاف شخص فقط في العام 2020 بالمشاركة، بسبب بلوغ أزمة فيروس كورونا ذروتها في تلك الفترة. أمّا التجمع الحالي الذي تشهده المدينة فهو يشير إلى العودة إلى فترة التجمعات الكبرى.

وتبدأ رحلة معظم الحجاج الأجانب من مدينة جدة، ويستفيد بعضهم من خدمات التأشيرات المبسّطة التي تمكنهم من الانتقال مباشرة من الطائرات إلى الحافلات المتجهة إلى أماكن إقامتهم. تتكون البنية التحتية للمواصلات المخصصة للحج من أسطول رائع يضم 24000 حافلة و17 قطارًا قادرًا على استيعاب 72000 شخص في الساعة. يحظى موسم الحج هذه السنة بأهمية خاصة كونه يُعد أكبر تجمع منذ إقرار النظام الجديد لحج النساء دون اشتراط مرافقة المحرم الذكر في عدد من الحالات، وذلك عام 2021.

علاوة على ذلك، فإن إلغاء الحد الأقصى للعمر يسمح للآلاف من كبار السن بالمشاركة، على الرغم من مواجهتهم للتحديات التي تفرضها درجات حرارة الصيف الحارقة في السعودية، والتي من المتوقع أن تصل إلى 44 درجة مئوية (111 فهرنهايت).

ستنطلق مناسك الحج مساء يوم الأحد في المسجد الحرام في مكة المكرمة، حيث يقضي الحجاج ليلة الاثنين في الخيام ويكرسون يوم الثلاثاء للتوجه إلى جبل عرفات، حيث ألقى النبي محمد صلى الله عليه وسلّم خطبته الأخيرة. وعقب ممارستهم لشعائر الرجم التي ستنطلق يوم الأربعاء، الموافق لبداية إجازة عيد الأضحى المبارك، يعود الحجاج إلى مكة لأداء طواف الوداع.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحج يمثل تحديًا فريدًا هذا العام كونه يتزامن مع موسم الصيف. فالمصلون سوف يضطرون إلى تحمّل درجات الحرارة الشديدة والظروف الخارجية أثناء مشاركتهم في طقوس الأيام الأربعة التي تجري في الهواء الطلق.

لضمان سلامة الحجاج، سيتواجد في الموقع عدد مذهل يزيد عن 32000 عامل صحي متخصص، دورهم الأساسي هو مكافحة المخاطر المحتملة لضربة الشمس، والجفاف والإرهاق التي قد تنشأ بسبب الطقس الحارق.

تهدف الجهود المشتركة للطاقم الطبي، إلى جانب التخطيط الدقيق المسبق والترتيبات الأمنية المتخذة، إلى التخفيف من المخاطر المحتملة وضمان تجربة آمنة وغنية روحيًا لجميع الحجاج.

لا يزال الحج، وهو رحلة مقدسة تعبّر عن إيمان المسلمين ووحدتهم، شهادة استثنائية تؤكد على قوة وتفاني ملايين المصلين في جميع أنحاء العالم الذين يجتمعون في هذه المناسبة البالغة الأهمية، رغم أنهم يدركون التحديات التي تنتظرهم، ولكنهم يبادرون إلى الوفاء بالتزاماتهم الروحية بتصميم جبّار لا يتزعزع تدعمه جهود المملكة التي وضعت كافة مقدراتها وإمكانياتها في خدمته.

جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023