لا شيء يحدّ من تناغم كون يتسابق قادته على إبداع وجهة جديدة، وصنع بوصلة تشكل مستقبلهم، ذلك ما كان يحاول "العندليب الأسمر" القادم من بريطانيا، ملكاي بايوه، تعميقه من خلال تردداته المتذبذبة بين جنبات القاعة، التي احتضنت افتتاح مبادرة مستقبل الاستثمار في العاصمة السعودية الرياض، الأمر الذي قاد مختلف الفرقاء لإزالة حواجزهم، والانغماس في وحدتهم الإنسانية، على وقع موسيقى تأملية ترتقي بهم نحو فضاءات السماء.
تعود أصول "بايوه" للقارة الأفريقية، لكن هجرة والديه للبحث عن فرص أفضل أدت بهم للعيش في غريفسيند، كينت، جنوب شرق إنجلترا، حيث ستولد تلك الموهبة وتنمو بانضمامه لجوقة محلية، ستتعزز ثقة "بايوه" بنفسه محاطًا برعاية والدته، ويحصل على فرصة تقديم الأداء الأوبرالي في مدرسته الثانوية.
وحين تقرر أقداره أن يبرز للعالم، لم تكن الإطلالة البسيطة لبايوه كاشفة عن حجم ما تكتنزه أعماقه من موهبة فذة، لكن حنجرته وأداءه المبهر جعلا جمهور برنامج المواهب البريطانية يخلعون عليه لقب البرنامج الشهير، وهو لم يتجاوز بعد منتصف عقده الثاني، لتمهد له حنجرته ممارسة سلطنته الأوبرالية في قاعة ألبرت الملكية، وتتيح له الغناء منفردًا برفقة الأوركسترا الإنجليزية الوطنية نهاية 2022 المنصرم.
جاء "بايوه" إلى الرياض محمّلا بإرث مفاجآت يقدمها منتدى مبادرة مستقبل الاستثمار في افتتاح كل نسخة من نسخه، حيث كانت رقصة البراميل الخضراء تخلع قلوب الجمهور بوقعها في العام الماضي، والتي حملت برمزيتها تفسيرات عدة وتأويلات نسجتها عقول الباحثين في تفاصيلها، وكان "بايوه" على قدر الفرصة التي قدمته لجمهور عالمي، تلمّسوا فيه بقية من روح عمالقة الفن وأربابه، ومن خلال الكلمات التي غناها، تلاقت أفئدة المجتمعين والمشاهدين، مستجيبة لوقعها الذي يعيد الوعي بالذات، ويجلب معه قوى التحرر النفسي، واليقظة للحالة الإنسانية المتفردة.
وحين كان "بايوه" يغني، كانت البوصلة منعكسة على سقف القاعة، متجهة نحو قلب مملكة تتطلع لتوظيف الروح الإنسانية لتوحيد وجهة الجميع نحو حلول لتحديات الكوكب، وتنهي أنين الرازحين تحت أعباء أزمات الصحة، والتغير المناخي، والصراعات العبثية المدمرة.
ولم يفت الرئيس التنفيذي لمؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار ريتشارد أتياس، أن يستقدم الصبي الملهم ليصحبه نحو جمهور استثنائي من قادة المال والأعمال، معتبرًا أن "الغناء على تردد 963 كيلوهرتز يمثل قيمة تجعلني أؤمن أكثر فأكثر بإنسانيتنا"، مؤكدًا أنه "لا يوجد شيء سيء في إنسانيتنا لا يمكن استبداله بما هو خيّر".
عاش حضور افتتاح النسخة السابعة لحظات رائعة، استلهموا فيها التوجه المتحفز لمؤسسة مستقبل الاستثمار نحو تأثير إنساني عالمي مستدام، حيث يتطلع جيل "بايوه" لعالم مختلف يتشارك الأثر الإيجابي، وذلك ما تقدمه من خلال نسخة المنتدى السابعة، التي تواصل فيها جمع ألمع العقول لطرح حلول واعدة للإنسانية، وتمكين مستقبل أكثر إشراقًا للبشرية، وخلق حاضر هادف ومستقبل واعد.