طرق الحج القديمة... شواهد ناطقة على الخريطة السعودية
يونيو 2024,11

سلك قاصدو بيت الله الحرام على مر التاريخ عدة طرق رئيسية شقت الجزيرة العربية من جميع جهاتها وصولاً إلى مكة المكرمة، حفت المخاطر تلك الطرقات في الفترات التي سبقت قيام الدولة السعودية على كامل خريطة تلك الدروب الصحراوية.


تلك الدروب باتت اليوم تراثًا وشواهد لعصور مضت تستدعي التوثيق في مرويات الحج وقصص الموسم المقدس. إذ سجل التاريخ 7 دروب، منها ما كان يربط مكة بالشام، وآخر يصل حجاج العراق بالحجاز، وآخر لليمن وأيضًا عمان، ودرب للمصريين وأهل شمال أفريقيا وآخر قادم من البحرين، باتت اليوم شاهدًا ناطقًا على تضاريس الخريطة السعودية، تحكي للأجيال مقارنات أهوال الأمس بأمن اليوم، الذي ظل سمة للعهد السعودي منذ بواكيره الأولى، إذ كان أمن ضيوف الرحمن والسكان على كل تضاريس البلاد "خطًا أحمر".


درب زبيدة

درب زبيدة هو طريق يربط الكوفة (العراق) بمكة المكرمة، وأخذ اسمه من حفيدة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور وزوجة هارون الرشيد السيدة زبيدة بنت جعفر، التي أسهمت في عمارته.

ويبلغ طول الدرب الذي سجلته المملكة والعراق في قوائم اليونسكو عام 2022، أكثر من 1400 كم داخل الأراضي السعودية حيث يمر بخمس مناطق في المملكة هي مناطق الحدود الشمالية، وحائل، والقصيم، والمدينة المنورة، مكة المكرمة.


ومنذ بنائه شهد طول الطريق تطويرًا أقيم على امتداده محطات واستراحات، ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة، فضلاً عن تزويده بالمنافع والمرافق اللازمة من آبار وبرك وسدود.


درب البصرة

وبالتوازي يأتي طريق البصرة من العراق أيضًا لكن عبر مساره أكثر وعورة، فبعد انطلاقه من البصرة يقطع مناطق صحراوية شمال شرق الجزيرة العربية منها صحراء الدهناء قبل وصوله إلى القصيم. بعدها يلتقي بدرب زبيدة عند محطة أم خرمان التي تقع على مسافة عشرة أميال من موقع ذات عرق. ويلتقي طريق البصرة بالطريق الرئيسي الممتد من الكوفة عند منطقة معدن النقرة التي يتفرع منها طريق يتجه إلى المدينة.


ويبلغ طول الطريق حوالي 1200 كم، وعلى امتداده توجد سبع وعشرون محطة رئيسية، منها أربع محطات تقع حاليًا ضمن حدود الأراضي العراقية والكويتية، أما باقي محطات الطريق فتقع في أراضي المملكة العربية السعودية.


طريق الحج المصري

يخدم طريق الحج المصري مصر وما وراءها من دول شمال أفريقيا ووسطها، يغلب على سالكيه أهالي مصر والمغاربيين وحجاج الأندلس وبعض دول وسط أفريقيا وغربها.


وينطلقون من شمال مصر مرورًا بشبه جزيرة سيناء للوصول إلى العقبة ثم يتفرع طريقان، الأول يسمى الطريق الساحلي وهو طريق يمر بمحطات مدين "بالقرب من خليج العقبة" مرورًا بالجحفة وخليص، وعسفان وصولاً لمكة أو بدر إلى المدينة المنورة.


أما الطريق الآخر فيسمى الداخلي، ويمر بشغب في تبوك ثم وادي القرى وصولاً إلى الخشيبة التي يلتقي فيها بطريق الحج الشامي الذي ينتهي معه في المدينة المنورة.


التبوكية

أما الطريق الشامي أو "التبوكية" نسبة لمدينة تبوك، فإنه يبدأ من دمشق ويمر بدرعا، وبمنازل أخرى حتى يصل تبوك، ثم الأقرع، ثم الأخضر الذي تقع فيه محطة المحدثة، ثم محطة المعظم، ثم الحِجر والعلا.

وبعد العلا هناك مساران، الأول توقف استخدامه بعد القرن السادس الهجري، ثم استحدث مسار آخر بعد هذه المرحلة.


الطريق العُماني

أما العمانيون والنازلون بها فكانوا يسلكون طريقين، أحدهما يتجه من عمان إلى البحرين، ومنها إلى اليمامة في نجد.


وهناك طريق آخر لحجاج عمان يتجه إلى نزوى، ثم عوكلان، ثم إلى ساحل هباه، وبعدها إلى شحر في اليمن، ثم تتابع القوافل سيرها على أحد الطرق اليمنية الرئيسة المؤدية إلى مكة، حيث يمكنهم أن يسلكوا أحد الطريقين طريق الحج الساحلي الموازي للبحر الأحمر أحد دروب الحج اليمنية.


دروب اليمن

طرق الحاج اليمني من الطرق المتشعبة في مساراتها بناءً على العواصم اليمنية التي كانت تنطلق منها جموع الحجاج اليمنيين، مثل عدن وتعز وصنعاء وزبيد وصعدة.


ورغم هذا التشعب إلا أن الدروب الخمسة المذكورة كانت تلتقي في الأراضي السعودية بـ 3 مسارات، وهي الساحلي الذي يمر بجوار البحر محاذيًا له من الشرق، والطريق الداخلي أو "الجادة السلطانية" التي تتجمع في تعز، والطريق الأعلى الجبلي ونقطة تجمعه صنعاء ثم صعدة شمال اليمن.


درب البحرين

يعد درب البحرين مهمًا للغاية لعدة أسباب، أولها أنه كان أحد الدروب التي يسلكها حجاج آسيا القادمين عبر البحر، والثانية أنه كان يرفد طريق حج البصرة عندما يمر بالأجزاء الوسطى من الجزيرة العربية.

ويلتقي مع البصراويين في ضرية، ويمر عبر محطات جديلة، وفلجة، ثم أوطاس، وذات عرق، حتى يصل إلى مكة المكرمة.