في شمال غرب سوريا، عمّت مشاعر من الأمل والإصرار. مع شروق الشمس، تلاقت مجموعات من الحجاج السوريين على المعابر الحدودية مع تركيا – باب الهوى، وباب السلامة وتل أبيض – ليتجهوا إلى مطار غازي عنتاب، ليغادروا جواً إلى المملكة العربية السعودية لأداء مناسك الحج.
فتح معبر باب الهوى بواباته في 15 يونيو، مزيحاً الستارة عن صالة مغادرة مفعمة بالأمل. هناك، يتم التحقق من وثائق الحجاج، وتفتيش حقائبهم بعناية فائقة. مزيج من مشاعر التأثر، بين دموع الفرح والحماسة للانطلاق في رحلة يقودها الإيمان لأداء ركن الإسلام الخامس.
وفي هذه الرحلة هناك قصص كثيرة، ومن بينها نتعرف على فضاح ألابو التي تبلغ من العمر 70 عامًا وتعاني من شلل نصفي يمنعها من السيطرة على تحريك نصف جسمها لكنه لم يمنع عزيمتها وتفانيها في سبيل أداء الحج. وفي رحلتها هذه برفقة ابنها، تروي كيف جمع أبناءها المحبين من مواردهم الضئيلة وطلبوا دعم الأقارب لتحقيق حلم والدتهم بالحج هذا العام.
قالت إنها انتظرت هذه اللحظة منذ 15 عاماً، مدّخرةً كل قرش ممكن، مدفوعة برغبة عميقة لأداء مناسك الحج وزيارة قبر النبي. فالحج يتطلب التزامًا مالياً يشمل نفقات السفر، والإقامة، والغذاء، بالإضافة إلى مجموعة من الخدمات التي يتم تنظيمها وتنسيقها بدقة.
في العام 2012، أدى اتفاق إلى إنشاء لجنة لرعاية الحجاج السوريين في رحلتهم الروحية، والحدّ من هواجسهم اللوجستية مع توفير العناية المكرسة لهم.
أما فرح حميدي والتي تبلغ من العمر 59 عاماً، والقادمة من ضواحي مدينة معرة مصرين في ريف إدلب، فتقول أنها وعلى الرغم من تحديات الحياة ومصاعبها، تشعر أخيراً وللمرة الأولى بالفرحة الحقيقية التي سبق وشعر بها أبناؤها، ويملأ قلبها شعور عميق بالامتنان وهي تشهد جهودهم في دعم الحج. لا يمكنها إخفاء حماستها، وهي تتطلّع بشوق إلى اختبار التحديات على طول الطريق التي توصلها إلى مكة المكرمة.
قلق واضح يستولي عليها وهي تودّع أبناءها وأختها وجارتها في باب الهوى. تنتظرها الحدود التركية بكل الحماس الذي تحتضنه، حيث استقلت الحافلة إلى غازي عنتاب، ومن هناك ستسافر على متن الرحلة المتجهة إلى جدة حيث تبدأ بالعد التنازلي مقتربةً أكثر فأكثر من مكة المكرمة.
تجسد رحلة فضاح وفرح حلم المسلمين حول العالم بزيارة بيت الله الحرام في مكة المكرمة ومسجد نبيه في المدينة المنورة.