يختلف عن باقي أنواع الحمام الأخرى الموجودة في العالم "حمام الحمى" يحلق من دون خوف في محيط الحرم
يونيو 2023,26

يعتاد زوار الحرم المكي القادمون من جميع رحاب الأرض نثر حبوب القمح لأسراب الحمام الساكنة على الأرصفة في محيط الحرم المكي أملا في كسب أجر إطعام كل كائن حي، فيما يدأب آخرون على شراء أكياس حبوب القمح من الباعة الموجودين في محيط الحرم المكي ونثره للحمام.

في مشهد جميل لن تجده إلا في العاصمة المقدسة، تستقبل أسراب الحمام أفواج الحجاج، من دون أن تشعر بالخوف مهما اقترب الناس منها. وتجوب تلك الطيور محيط المسجد الحرام ومآذنه، ويرفرف بعضها بجناحيه ويطوف في أحياء مكة المكرمة.

حمام الحمى أو حمام الحرم

وتتعدد الأسماء لهذا الطائر الجميل، كـ"حمام الحمى" أو "حمام الحرم". فتجده محلقاً بجناحيه حول صحن البيت العتيق، وفي ساحات المسجد الحرام متزينا بريشه الرمادي المائل للزرقة أو الخضرة عند عنقه.

ويتميز حمام الحرم بجمال شكله وألوانه، فعيونه مرسومة بجمال فريد ورقبته الطويلة محاطة بألوان مميزة، وهذه الأوصاف تختلف عن باقي أنواع الحمام الأخرى الموجودة في العالم.

وقف خاص

ذكرت بعض الوثائق التاريخية أن هناك وقفا عبارة عن مزرعة في "حوطة سدير" خصص لحمام الحرم، كما أن مواطناً خصص وقفاً في مكة المكرمة يعود ريعه لحمام الحرم المكي، والهدف من هذا الوقف إطعام الحمام ليبقى على قيد الحياة.

ويحلّق حمام الحرم بسلام في سماء العاصمة المقدسة آمنا من أي أذى، بل وحتى من التنفير، بأمر من الله فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إن هذا البلد حرمه الله لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها."

عناية خاصة

ويحظى الحمام في مكة بعناية خاصة في أكله وشربه، حيث خصصت من أجله أوقاف خاصة، ليس في مكة فقط، بل حتى في مصر وتركيا واليمن. ولا يجوز للمحرم أو غير المحرم قتله، ويستوجب قتله الفدية، أي ذبح شاة، كما لا يجوز تكسير بيضه بغرض طرده من المكان الذي يحط فيه.

وكي يقوم مسؤولو مكة المكرمة بواجب الضيافة مع حمام الحمى، قامت أمانة مكة المكرمة ببناء كثير من أبراج الحمام في ذات المنطقة ليأوي إليها الحمام بعد مغيب الشمس.

في هذا السياق، تشير الروايات التاريخية الى ان عائلات مصرية تسكن في القرى والأرياف خصصت لحمام الحرم أكثر من 100 وقف يذهب ريعه لتوفير الغذاء لـ "حمام الحمى"، كما أن لا تزال هناك في تركيا أوقاف خاصة لحمام الحرم.

وتقدر أعداد أسراب الحمام في مكة بقرابة 4 ملايين حمامة، تطوف معظم الأوقات في محيط الحرم وحول مآذنه وبعضها يجوب فضاء مناطق أخرى في مكة المكرمة.

تبقى أسراب "حمام الحمى" من أبرز المشاهد في ذاكرة زوار بيت الله الحرام. هي علاقة رحمة ومودة بين "حمام الحمى" وزوار بيت الله الحرام، منذ مئات السنين، حيث تطوف اسراب الحمام أرجاء مكة المكرمة، ويتعالى هديلها في مشاهد جميلة يعكسها لون الحمام المميز وسط تسابق على تزويدها بما تحتاجه من حب وعناية وغذاء.


جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023