لم تمنع العوامل القاسية في الماضي، مجموعات بشرية من أصول وديانات ومذاهب متنوعة، من الاستقرار في مجال مشترك، وابتكار محيط اجتماعي واقتصادي متأقلم جدير أن يحتذى به.
المجال المشترك هذا كان ولا يزال في جزيرة جربة التونسية، التي أدرجت على قائمة التراث العالمي، خلال اجتماعات الدورة الـ45 للجنة التراث العالمي المنعقدة في الرياض حتى 25 سبتمبر الجاري.
الجزيرة التي تبعد مسافة 400 كلم عن العاصمة تونس، وتبلغ مساحتها نحو 514 كلم مربعًا، وتمتد شواطئها على طول 125 كلم، تسحر زائريها بمناخها الرائع وأجوائها الجميلة وشواطئها الناعمة، وأشجار النخيل الباسقة، وعاداتها الضاربة في عمق التاريخ.
تعد الجزيرة متحفًا مفتوحًا، يجسد حالة التنوع الثقافي والثراء التراثي، وقد حمل دخولها إلى قائمة التراث العالمي رسائل نبيلة عميقة المغزى إلى العالم، مفادها أن الاختلاف والتنوع الثقافي ثروة حقيقية، وهو المعنى الذي أكدته وزيرة الشؤون الثقافية في تونس، الدكتورة حياة قطاط القرمازي، في كلمتها أمام لجنة التراث العالمي.
حافظت جربة على مدار السنين، على حرمة بحرها وأرضها من التعصب والمذهبية، مؤكدة على التعايش رغم اختلاف الأديان والمذاهب.
التنوع والاختلاف الثقافي في الجزيرة أكبر دليل عليه وجود أقدم كنيس يهودي شيد قبل نحو 2500 عام، زاره عدد كبير من اليهود من الدول الغربية، ويقضون أيامًا في طقوس تعبدية خاصة بهم، مما يعطي للجزيرة أهميتها التاريخية، وأنها منطقة تتعايش فيها كل الأديان بسلام منذ أقدم العصور.