تدابير الحج الوقائية تلهم العالم لمواجهة آثار التغير المناخي
يونيو 2024,11

تبدو أجواء موسم الحج غير متأثرة بالتغير المناخي المتصاعد، فمهما ارتفعت درجة الحرارة كانت تدابير الحماية التي تتخذها المملكة للحجيج أكثر نجاعة في الحد من آثارها، وذلك وفقًا للدراسة التي أجراها مركز الأبحاث والابتكار بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، والتي أثبتت نجاح التدابير الوقائية السعودية خلال أربعة عقود في الحد من مخاطر المرتبطة بارتفاع درجة الحرارة على صحة الحجيج.


وكانت بيانات الأرصاد الجوية التي بنيت عليها الدراسة حاسمة في انخفاض معدلات الإصابة بضربات الشمس والإرهاق الحراري أثناء موسم الحج في مكة المكرمة، لتشكل بذلك منطلقًا لتعميمها على سكان العالم حيث يشكل الحج عالمًا مصغرًا وفريدًا لدراسة المخاطر المرتبطة بالحرارة، من خلال جذبه ملايين الحجاج من أكثر من 180 دولة لأداء المناسك في بيئة صحراوية مرتفعة الحرارة في معظم أيام العام.


وتلفت الدكتورة ياسمين التويجري كبير الباحثين بمستشفى التخصص إلى أن التقديرات الحالية تشير إلى أن الوفيات المرتبطة بدرجات الحرارة العالية قد تقترب من نصف مليون وفاة سنويًا تتركز بشكل كبير في قارة آسيا وأوروبا، ولذلك كان اهتمام الباحثين بالأبحاث التي تدرس تأثير ارتفاع درجة الحرارة على صحة الإنسان، أدت بمركز الأبحاث بمركز الملك فيصل للقيام بالبحث.


وفيما يواجه العالم ارتفاعات متزايدة لدرجة الحرارة فإنه يمكنه الاستفادة من التجربة السعودية التي استطاعت التخفيف من المخاطر الصحية المرتبطة بالحرارة على الحجاج خلال موسم الحج، والتي كانت تنفذ على مستوى فردي ومجتمعي وتوعوي.


فلا تكاد تخطئ الأعين انتشار مراوح الرذاذ وأعمدة الضباب المائي بكفاءة في كل مواطن ومسارات الحجيج، مسهمة بذلك في إعادة تشكيل درجات الحرارة وتلطيف حدتها، مع تقديم المياه الباردة على كافة الطرق وتوفير المظلات للحماية من أشعة الشمس المباشرة، إضافة إلى إتاحة منظومة نقل مكيفة في مختلف تنقلات ضيوف الرحمن، علاوة على الجهود التوعوية للحجاج وتسهيل الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية المجانية أثناء الحج وتطبيق إرشادات إدارة الأمراض المرتبطة بالحرارة التي وضعتها وزارة الصحة السعودية.


ولم تكتف الجهات السعودية في الحرمين الشريفين بهذه الإجراءات، بل قاد صناع القرار فيها جهدًا بحثيًا متواصلًا على مر العقود الماضية مستمر حتى اليوم، لابتكار أفضل الأساليب والانفاق عليها مهما غلا الثمن ليستفيد منها ضيوف الرحمن، في مثل الرخام الأبيض الذي عمم على ملايين الأمتار حول مطاف الكعبة المشرفة وتوسعات الحرمين الشريفين، بعد أن توصلت الأبحاث إلى أنه عاكس للشمس فلا تؤثر عليه الحرارة، فمهما ارتفعت يحافظ على برودته. وفي هذا العام يشهد الحج التطبيق الأول لابتكار "الطلاء الأبيض" لتخفيض درجات الحرارة في مسارات الحجاج بين المشاعر، بعد أن تبين أنه يترك أثراً مباشراً في خفض درجات الحرارة لنحو 20 في المائة.