على نفقة السلاطين... كيف كانت قوافل الحجاج الهنود تتوافد إلى البيت الحرام؟
يوليو 2022,01

واجه الحجاج بطريقهم من الهند إلى مكة ما لم نكن نتخيله، لأداء فريضة الحج، وسعوا منذ دخول الإسلام الى تلك البقاع لأداء الفريضة عبر رحلات شاقّة فيها العديد من المخاطر والتحديات.


وإكتسبت الهند أهمية كبيرة، نظراً لموقعها الجغرافي. فمناطقها الغربية تقع على ساحل بحر العرب وفي شواطئ المحيط الهندي، وهو الأمر الذي جعل من الهند مركزا رياديا للحركة التجارية والسفر منها إلى بلاد الحرمين الشريفين لأداء مناسك الحج.


"أمير الحج"


وبعد سقوط سلطنة دهلي وقيام الإمارات الإسلامية في القرن الثامن والتاسع الهجريين، بدأت العلاقات الدينية والثقافية تقوى بصورة ملحوظة، حيث بدأت هذه الإمارات الإسلامية المستقلة في الهند توطيد العلاقات الدينية والثقافية بواسطة القنوات العديدة.


فكان لدى سلاطين بهمنية في جنوب الهند، وسلاطين گجرات ومالوه في غرب الهند، وسلاطين بنگالة في شرق الهند اهتمام كبير بشؤون الحرمين الشريفين دينيا وثقافيا وعلميا، ومن ضمن اهتمامهم قيامهم بإرسال الأموال لأهالي الحرمين الشريفين مع قوافل الحجاج الهنود باستمرار، وهذا أصبح في ما بعد من عادة الدول الإسلامية القائمة في الهند ومنها الدولة المغولية.


وحرص سلاطين المغول على الإهتمام بإرسال قوافل الحجاج كل عام إلى الحرمين الشريفين على نفقة الدولة، وتم استحداث وظيفة جديدة بإسم "أمير الحج".


وكان السلاطين يرسلون الأموال الطائلة والهدايا الثمينة إلى أشراف الحرمين الشريفين لتوزيعها على أهاليها والفقراء والمحتاجين، وكان يُشيِّع الحجاج عند توديع قوافلهم محرما كإحرام الحج، مقصرا للشعر، ملبيًّا، حاسر الرأس، حافي القدمين.


الموانئ الهندية...مقصد الحجاج من البلدان الآسيوية الجنوبية


قصد الحجاج من جميع البلدان الآسيوية الجنوبية ودول آسيا الوسطى، الموانئ الهندية الواقعة على السواحل الغربية في الگجرات، ومالابار، والسند كراتشي حاليا، وتهانه أي بومباي حاليا، وكانت هذه المناطق الساحلية تستقبل سنويا المسافرين من داخل الهند وخارجها من البلدان الآسيوية الجنوبية، ومنها كانوا يتوجهون إلى جدة مباشرة عبر بحر العرب ثم البحر الأحمر في السفن الشراعية في عصر الدولة المغولية.

ومنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي أصبحت مدينة بومباي هي نقطة الانطلاق حيث كان جميع الحجاج يتجمعون فيها من جميع الولايات الهندية، ويمكثون في بعض المساكن المخصصة لهم حتى يحين موعد إنطلاقهم.


دعاء جماعي وتقديم الزهور


وحرص أهل الحجاج على التجمع عند ذهاب الحجاج وعودتهم في الموانئ لتوديعهم بالأناشيد الدينية، وتقديم باقات الزهور.


أما الحجاج العائدون، فكانو يقفون تلبية لطلب المستقبلين للمشاركة في دعاء جماعي، ثم يلقون الخطب والمواعظ لفترة وجيزة، وبعد ذلك يصحبونهم في موكب شعبي، وفي الأحياء والقرى والأرياف التي يقيم فيها الحجاج العائدون يقام سرادق فخم بمناسبة عودتهم من سفرهم المبارك إلى أهلهم وبلادهم.

جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023