محمية "بني معارض" تتربع على عرش "التراث العالمي"
سبتمبر 2023,21



أعلنت منظمة اليونسكو تصنيف محمية "عرق بني معارض" السعودية على قائمة التراث العالمي صباح اليوم الأربعاء 20 سبتمبر (أيلول)، في سياق أعمال الدورة الـ45 للجنة التراث المنعقدة في الرياض منذ 10 حتى 25 من الشهر الحالي، وذلك وسط فرحة سعودية كبيرة بوصف المحمية الموقع الطبيعي الأول في البلاد الذي يحظى بالتصنيف، في وقت تسارع المملكة خطاها نحو تنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، بهدف الحفاظ البيئة البحرية والبرية واستدامتها في الدولة مترامية الأطراف.

واعتبر وزير الثقافة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان أن الخطوة تأتي "امتداداً لجهود المملكة المستمرة في حماية أنظمتها البيئية الطبيعية والمحافظة عليها، والاهتمام بتراثها الثقافي"، مشيراً إلى أن التسجيل الدولي الذي وصفه بالمهم "ترجم الدعم غير المحدود الذي تحظى به الثقافة والتراث في المملكة، ويعكس ما تتميز به من غنىً تراثيٍ وتنوعٍ طبيعيٍ في مختلف مناطقها"، إلى جانب الالتزام بحماية التراث الطبيعي وتنميته بصورةٍ مستدامة، انطلاقاً من الحرص على التراث الطبيعي ومكانته الإستراتيجية في رؤية السعودية 2030.


أكبر بحر رملي

وتقع المحمية على طول الحافة الغربية للربع الخالي على مساحةٍ تزيد عن 12.750 كيلومترًا مربعًا، وتُشكل الصحراء الرملية المتصلة الوحيدة في آسيا الاستوائية، وأكبر بحرٍ رمليٍ متواصل على سطح الأرض. 

وتتميز بتنوع نُظمها البيئية التي توفر موائل طبيعية حيوية، والذي يجعل منها مثالًا استثنائيًا للتطور البيئي والأحيائي المستمر لمجتمعات النباتات والحيوانات الفطرية؛ إذ تضم أكثر من 120 نوعًا من النباتات البرية الأصيلة.

وتضم المحمية كذلك حيوانات مهددة بالانقراض، تعيش في واحدةٍ من أقسى البيئات على كوكب الأرض، بما في ذلك القطيع الوحيد الحر من المها العربي في العالم، والظباء الجبلية والرملية؛ لتكون بذلك أغنى منطقةٍ معروفةٍ من الناحية الأحيائية في الربع الخالي، حيث يلتقي أكبر بحر رملي في العالم مع ثاني أطول سلسلة جبلية في الجزيرة العربية؛ لتشكل لوحة طبيعية فريدة وثراءً في التنوع رغم صعوبة المناخ.

وتستوفي محمية "عروق بني معارض" حسب تقييم الخبراء العالميين معايير التراث العالمي، بوصفها صحراء رملية تشكل منظرًا بانوراميًّا استثنائياً على مستوى العالم لرمال صحراء الربع الخالي، مع بعض أكبر الكثبان الخطية المعقدة في العالم، وتجسد قيمة عالمية رائعة، وتحتوي على مجموعة من الموائل الطبيعية واسعة النطاق والحيوية لبقاء الأنواع الرئيسية، وتشمل خمس مجموعات فرعية من النظم البيئية الوطنية في المملكة، وهو أمرٌ حيوي للحفاظ على التنوع الأحيائي في الموقع.


إنجاز عربي مشترك

وجاء إدراج محمية "عروق بني معارض" في قائمة التراث العالمي لليونسكو نتيجةً للجهود الوطنية المشتركة من وزارة الثقافة، واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم، والمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، وهيئة التراث، وذلك ضمن مستهدفات رؤية السعودية 2030، المتمثلة في الوصول بعدد المواقع السعودية المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي إلى الضعف؛ لتنضم بذلك إلى ستة مواقع سعودية أخرى مسجلة، وهي: واحة الأحساء، وحي الطريف في الدرعية، وموقع الحِجر الأثري، ومنطقة حمى الثقافية، وجدة التاريخية، والفنون الصخرية في منطقة حائل.

وتعتبر المحمية الموقع العربي الثالث الذي يفوز في الدورة الحالية برئاسة السعودية، إذ صنفت اليونسكو كذلك على القائمة موقع "أريحا" الفلسطيني على الرغم من المعارضة الإسرائيلية، وكذلك المشهد الثقافي في "جربة" التونسية، التي كانت محلاً للتعايش بين المذاهب والأديان لآلاف السنين. 

إلى ذلك أعرب الرئيس التنفيذي لهيئة التراث في السعودية جاسر الحربش عن فرحة السعوديين بهذا المنجز الثقافي النادر  "ليس فقط لهذا الحدث الكبير حدث تسجيل أول موقع تراث طبيعي للمملكة، لكن أيضاً لتأكيد العمل التكاملي الذي نقوم به في المملكة، وكيف أن عملنا في مسار التراث الثقافي مرتبط بكل مكونات التنمية".


عالمية الموقع

وبحسب المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية السعودي؛ فإن هذا الإدراج يسهم في إظهار عالمية الموقع، والهوية الاستثنائية التي يتمتع بها، والاعتراف بتلك القيمة وأصالتها وتفردها وعدم تكرارها، كما يمثل عامل جذب للسياحة البيئية والترويح المستدام، إضافة إلى توفير إمكانية أكبر لجذب الاستثمار وتوليد الثروة في الموقع، وما حوله من القطاع الخاص الوطني والعالمي.

وتعود تسمية "عروق بني معارض" نحتاً من تاريخ المكان، نسبة إلى الكثبان الرملية (العروق في اللغة المحكية) التي "تعترضها" سلسلة جبال طويق خلال زحفها نحو الغرب.

وتأسست بهدف المحافظة على الأنظمة البيئية الطبيعية الممثلة لأكبر بحار الرمال في العالم "الربع الخالي"، وما تحتضنه من أنواع فطرية حيوانية ونباتية ذات قيمة عالمية.

وشكل الربع الخالي الذي تقع المحمية على الجزء الغربي منه؛ واحداً من الظواهر الطبيعية الاستثنائية التي خطت تضاريس الجزيرة العربية، وتركت أثراً عميقاً لا يزال مستمراً في ذاكرة ساكنيه، حتى بعد عصور المدنية الحديثة، إذ لا تزال مساحته الممتدة بين معظم دول مجلس التعاون الخليجي، تحتفظ بعديد من مقومات الحياة القديمة والحديثة لإنسان المنطقة، التي تشكل بمجموعها إرثاً عربياً نادراً، التفتت السعودية منذ سنوات إلى توثيقه وتوظيفه ثقافياً وسياحياً، مثل بقية الموارد الحضارية الأخرى التي تزخر بها البلاد، ولا سيما في منطقة الشمال الغربي، حيث "العلا"، وأنحاء "نيوم" الغنية بآثار الحضارات الإنسانية المتعاقبة وتاريخها.



جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023