مقام ابراهيم
يونيو 2023,26

تم تجديد قبة مقام إبراهيم عليه السلام عدة مرات وبقي المقام على هيئته الأخيرة حتى سنة 1387هـ، حيث أزيلت في عهد المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبد العزيز، المقصورة التي عليه، أما في عهد الملك فهد بن عبد العزيز فتم ترميم محل المقام واستبدال هيكله المعدني بآخر جديد مصنوع من نحاس عالي الجودة


على بعد 10 إلى 11 متراً من ناحية شرق الكعبة المُشرّفة في الجزء المتجه نحو الصفا والمروة، يقع مقام النبي إبراهيم عليه السلام بشكله البلوري المُذهّب الذي يحتوي على حجر رخو من نوع حجر الماء، مربع الشكل، اختزن في وسطه وذاكرته أثر قدمي خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام.  

ويعد مقام إبراهيم عليه السلام، أحد معالم المسجد الحرام الذي تهفو لرؤيته قلوب المسلمين، وتهيم شوقاً لزيارته نفوس المؤمنين.

تشير الروايات إلى أن إبراهيم عليه السلام وقف على الحجر، بعد اكتمال بناء البيت العتيق، فغاصت قدماه فيه تخليدا لذكرى بنائه للبيت الحرام، وظل عبر الأزمان ملاصقا للكعبة المشرفة وأحد معالم بيت الله الحرام في مكة المكرمة.

وكان المقام مكشوفا للناس، لكن بسبب كثرة لمس الناس له تغير أثر القدمين ومُسح مكان الأصابع. وفي عهد النبي محمد عليه الصلاة والسلام عند فتح مكة في السنة الثامنة للهجرة، قام الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة بإبعاده عن الكعبة المشرفة إلى موقعه الحالي امتثالا للآية الكريمة "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، بمسافة تقدر بأكثر من 10 أمتار بقليل مائلا لجهة الشرق، وذلك تسهيلا للطائفين، وتمكينا للمصلين بالصلاة خلف المقام.

والحجر مكعب الشكل، يبلغ ارتفاعه 20 سنتيمترا، وطول أضلاعه الثلاثة المسطحة 36 سنتيمترا، فيما يبلغ طول ضلعه الرابع 38 سنتيمترا، ويبلغ محيطه من جهة السطح 146 سنتيمترا. وحينما غاصت قدما نبي الله إبراهيم عليه السلام حفرت نصف المسافة تقريباً، إذ بلغ عمق إحدى القدمين 10 سنتيمترات، وعمق الأخرى 9 سنتيمترات، وطول كل قدم 27 سنتيمترا، وعرضهما 14 سنتيمترا، ملبسة بالفضة، ونقش عليها بخط الثلث آية الكرسي.

مقام حظي باهتمام من الخلفاء والملوك على مر العصور

ومر المقام بعدد من المراحل عبر العصور والأزمان وحظي باهتمام من الخلفاء والملوك. ويشير المؤرخون الى ان الخليفة المهدي العباسي (754-785م) عندما خشي تفتت الحجر، بعث بألف دينار لتضبيب المقام من أسفله إلى أعلاه، فكان أول من حلَّى المقام. وفي عام 236 للهجرة، أمر الخليفة المتوكل بتحلية المقام بالذهب فوق الحلية الأولى. وبقيت الحلية على المقام حتى قلعت عنه عام 256هـ لصيانته، وزيادة الذهب والفضة.

وفي 25 من ذي الحجة 1384هـ، اقترحت رابطة العالم الإسلامي إزالة جميع الزوائد الموجودة حول المقام، وإبقاء المقام في مكانه على أن يُجعل عليه صندوق بلوري سميك قوي على قدر الحاجة وبارتفاع مناسب يمنع تعثر الطائفين ويتسنى معه رؤية المقام، فأمر المغفور له بإذن الله الملك فيصل بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية بتنفيذه، وصنع له غطاء من البلور الممتاز، وأحيط هذا الغطاء بحاجز حديدي، وقاعدة من الرخام نصبت حول المقام لا تزيد مساحتها على 180 في 130 سنتمترا بارتفاع 75 سنتمترا، وتم ذلك في رجب 1387هـ؛ حيث جرى رفع الستار عن الغطاء البلوري في حفل إسلامي، واتسعت رقعة المطاف وتسنى للطائفين أن يؤدوا مناسك الطواف في راحة ويسر، وخفت وطأة الزحام كثيرا.

أما في عهد المغفور له بإذن الله الملك فهد بن عبد العزيز، فتم ترميم محل مقام إبراهيم عليه السلام، واستبدل الهيكل المعدني الذي كان مركباً عليه بهيكل آخر جديد مصنوع من نحاس ذي جودة عالية.

كما تم تركيب شبك داخلي مطلي بالذهب واستبدال كساء القاعدة الخراسانية للمقام التي كانت مصنعة من الجرانيت الأسود بقاعدة أخرى مصنعة من رخام كرارة الأبيض الصافي والمحلى بالجرانيت الأخضر، ليماثل في الشكل رخام الحجر شكل الغطاء البلوري مثل القبة نصف الكرة ووزنه 1.750 كغم وارتفاعه 1.30 م وقطره من الأسفل 40 سم وسمكه 20 سم من كل الجهات، وقطره من الخارج من أسفله 80 سم ومحيط دائرته من أسفله 2.51 م حيث أصبح محل المقام بعد هذه التحسينات انسيابياً، حيث كان قبل ذلك مضلعاً.

يحتل مقام إبراهيم عليه السلام مكاناً مهماً في أفئدة المسلمين، إذ يعلمون أنه شهد بناء الكعبة المشرفة، والحجر الذي أقيم عليه الأذان والنداء للحج بين الناس.


جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023