نجت المدينة الإيطالية العائمة من تصنيفها كـ "تراث مهدد بالخطر" بعد أن تعهدت الحكومة بتقليل أعداد الزوار
سبتمبر 2023,18


الكل يعرف البندقية "فينيسيا"، المدينة المدهشة في تصميمها العائم، لكن الأكثر دهشة هي قصتها التي بدأت في القرن الخامس الميلادي بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية، لتبدأ القوى بنهش أراضيها.

لم تقتصر الغارات الانتهازية التي تعرضت لها الخريطة الرومانية على الإمبراطوريات والممالك المنافسة، بل وصلت حد أن كانت مطمعًا للبربر، الذين بدأوا بنهب المدن والبلدات واحدة تلو أخرى.

وحين لم يفلح سلاح المقاتلين في صد الهجمات حينذاك، لجأ السكان إلى مهندسيها الذين بنوا ملجأ هرب إليه السكان من البر "البندقي" إلى أرخبيل طيني غارق في المياه، فوق منصات خشبية ترفعها أوتاد خشبية بارتفاع 48م، مغروسة في قاع الأرض الطينية، ثم بنيت المدينة فوقها، في حين ظلت الممرات المحيطة بالمناطق السكنية سالكة كممرات تنقّل بحري، وهو ما أعطاها حصانة وقدرة على الصمود ضد البربر، الذين لم يكونوا يقوون على خوض البحار، إلى أن نجحت مدينة المستنقع في خوض البحر حتى غدت قوة عظمى في ذلك الوقت، مستغلة موقعها التجاري وانفتاحها على البحار.

لكن وعلى الرغم من سقوط تلك الإمبراطورية الصغيرة في منتصف القرن الـ19، ظلت تحتفظ بمقومات تلك المرحلة، مما جعلها تستمر كمركز عالمي، على الأقل سياحيًا، وهو ما عرضها لخطر شبيه بالغارات البربرية التي كادت تودي بسكانها قبل قرون بعيدة، إذ أدرجتها منظمة اليونسكو في أجندة لجنتها التي تجتمع في السعودية هذه الأيام، بعد أن أوصى خبراء بإدراجها في قائمة التراث العالمي المهدد بالخطر.

الإدراج في قائمة الخطر كان بسبب غزو السُيّاح الذي يفوق قدرة "قواعد الوحل" التي تقوم عليها المدينة على الاحتمال، إلا أن قرار اللجنة كان مخالفًا للتوقعات، بعد أن قررت المنظمة الدولية إعطاء إيطاليا فرصة أخيرة للعمل بشكل جاد على توصيات تنظيم الرحلات السياحية للمدينة لتخفيف الضغط على البنية التحتية.

وكانت الحكومة الإيطالية قد تعهدت بفرض ضرائب سياحية على الرحلات إلى المدينة السياحية، ضمن حزمة من الإجراءات، مما يسمح بتنظيم تدفق السياح، وهو ما عدته اللجنة عادلًا لحماية قدرة المدينة الأثرية على الصمود.

ويزور مدينة البندقية خلال الموسم السياحي أكثر من 100 ألف سائح، في حين لا يتجاوز عدد سكانها الـ50 ألف نسمة.



جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023