قوافل الحجاج الجزائريون قديماً ... معاناة تبدّدها "العولة" و"الكرامة"
يوليو 2022,01


حظي سفر الحجاج الجزائريون قديما إلى مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، بقسط كبير من المشقة والعناء، حيث كانت رحلة الحج تستغرق شهوراً وسنوات، إذ كان لكل قافلة طريق وخطة وبرنامج مختلف، فيه الكثير من المعاناة والحماس والأمل.


ورغم المخاطر التي كانت تعترض طريقهم الى الحج ذهابا وإيابا، امتثل الحجاج الجزائريون منذ القدم الى نداء الله: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج: 27].

في سبيل ذلك واجه الحجاج الجزائريون قديماً ما لا يمكن لأحد أن يتخيله. إذ كان يُعتبر الحجاج الجزائريون بمثابة الأبطال الذين خاضوا حربا وخرجوا منها منتصرين. وكان أقرباؤهم وأصدقاؤهم يودعونهم عند نيتهم الحج ويطلقون على هذا الوداع "وداع الفراق"، لشدة العناء الذي يتكبدونه في رحلة تستغرق أكثر من شهر، لم تكن بتلك الرفاهية الموجودة اليوم.


البرّ الجزائري...طريق لقوافل الحج المغربية وغيرها


وكان للبرّ الجزائري دور مهم في عبور قوافل الحج المغربية وغيرها، إلى مصر مرورا بالمناطق الصحراوية التي كانت تنشر بها محطات التوقف وتتوافر بها المياه، وتصل مدة الرحلة إلى خمسين يوما، وعندما تصل القافلة إلى القاهرة، يخرج الناس لملاقاتها للترحيب بالقادمين.


وقبل وصولهم إلى القاهرة، كان الحجاج الجزائريون يتجمعون في مدينة فاس، باعتبارها بوابة إلى الشرق وحاضنة لجامع القرويين. وعبر "درب الحج المصري" الشهير، الذي استمر حتى تحول طريق الحج إلى الطريق البحري نهاية القرن التاسع عشر، كان الحجاج الجزائريون الى جانب الحجاج من بلدان عدة يتجمعون في رحلة تبدأ من باب النصر بالقاهرة، إلى منطقة عجرود بمحافظة السويس، ومنها إلى عيون موسى للتزود بالمياه، ويتجهون بعدها إلى مدينة نخل بسيناء وصولا إلى مدينة العقبة، ويعبرون الحدود إلى مدينة ينبع السعودية، لتنتهي الرحلة في مكة المكرمة.


العولة...تقليد متجذر منذ القدم


ونظراً لإحتمال تعرض الحجاج إلى مخاطر الجوع والعطش أثناء رحلة سفرهم، أو يتعرضون للبرد والعواصف والأمطار وغيرها من الكوارث التي تعيق رحلتهم، تفننت العائلات الجزائرية منذ القدم في إعداد أطباق ومأكولات تقليدية عريقة متنوعة ومختلفة، لاسيما "العولة"، لكي يأخذها الحجاج معهم إلى البقاع المقدسة؛ لتعينهم على رحلتهم الشاقة نظرا لصعوبة الطرق.

و

"العولة" هي الزاد والمؤونة من المواد الغذائية، وتبدأ رحلة تحضريها قبل موعد السفر إلى الحج بشهر أو أقل، من طرف العائلات الجزائرية المقبل حجاجها على بيت الله.


كذلك، كان يتم تجميع بيض الدجاج التي بحوزة أهالي الحجاج الجزائريون، لمدة 15 يوما قبل توجه الحجاج إلى مكة، ويقدمونها هدية لأهاليهم، كعادة متوارثة منذ القدم، ليتم سلق البيض للحجاج الذين يأخذون جزء منها إلى الأراضي المقدسة ليأكلوا منها.


وقبل ثلاثة أيام من موعد الحج، يعد أهل الحجاج ما يسمى بـ "الكرامة"، وهي صدقة من طعام كثير يطبخ باللحم ويدعى إليه الأقارب والجيران. وعند عودتهم يستقبلونهم بأهازيج وأكلات شعبية في احتفالية اسمها "سرارة" وتؤدى الرقصات الشعبية بمشاركة الجميع، فضلا عن توزيع هدايا الحج على الحضور، ويتميز الحاج بأن يتم وضع الحناء على قدمه وذقنه.

جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023