رحلة الحجاج المغاربة قديما.. دروب شاهدة على "رحلة الحج الأخطر"
يوليو 2022,02

- الجلد الأحمر والقرنفل والكحل والسواك والزعفران؛ أهم السلع التي كان يبتاعها الحجاج المغاربة في طريقهم لأداء مناسك الحج

 

في ظروف بالغة الصعوبة، تصاحبها البهجة الممزوجة بقلق الطريق وخطره، كانت رحلة الحجاج المغاربة إلى بيت الله الحرام هي الأخطر، قبل أن يمن الله على الديار المقدسة بقيام دولة حديثة ينعم الحجاج فيها بالأمن والأمان.


فبينما كانت مشاعر الفرحة الغامرة تعمّ صدور الحجاج المغاربة قديمًا، كانت مشاعر الخوف من المجهول تسيطر عليهم، بسبب المخاطر التي قد تصادفهم في طريق الحج ذهابًا وإيابًا، حتى درج في ذلك الوقت في المغرب، قولهم: "الذاهب إلى الحج مفقود والعائد منه مولود". 

فإذا ما عاد الحاج لاقى أجمل استقبال، ليس لأنه أدى المناسك فحسب، بل لأنه عاد سالمًا لم يمسسه أذى.


كانت رحلة حج المغاربة تبلغ ثمانية أشهر، وقد تصل إلى سنة، ولطالما قطع الحجاج المغاربة طرقًا وبراري شاسعة، في طريقهم الطويل إلى الحج. 

وقد بدأ ذلك تحديدًا في العصر الأموي، حيث شهد إكتمال انتشار الإسلام في بلاد المغرب.


مدينة آسفي منطلق الحجاج المغاربة


ولأنّ منطلق رحلة المغاربة إلى الحج كانت مدينة آسفي عند حدود الأطلسي، فقد كانت خريطة السير الطويلة نحو بلاد الحجاز تمتد لنحو 5 آلاف كيلومتر، الأمر الذي دفع الحجاج المغاربة إلى تقسيم الرحلة لمراحل عدة، والنزول في مناطق مختلفة للحصول على قسط من الراحة والزاد.


أما الانطلاق فكان من مدينة طنجة، التي كانت تشهد توافد الحجاج المغاربة، ليقصدوا بعدها مدينة تلمسان، ثم مليانة، وبعدها مدينة الجزائر، التي تكون ملتقى الحجاج الجزائريين قبل الدخول إلى تونس عن طريق بونة، ويكون الملتقى مع حجاج تونس في مدينة قابس، قبل التوجه إلى طرابلس لملاقاة الحجاج الليبيين، قبل التوجه إلى القاهرة التي تكون نقطة الجمع بين حجاج شمال أفريقيا وشرقها، للدخول إلى الحج عبر طريق الدرب المصري.


تجهيزات متنوعة لرحلة طويلة


وبهدف الوصول إلى القاهرة، حيث مُلتقى رِكاب الحجاج، كان على الحجاج المغاربة التجهيز لهذه الرحلة الطويلة، فكان الطعام والراحلة من أهمّ الأمور التي انشغلوا بها قبل الانطلاق وأثناء سيرهم في الطريق، حيث حرصوا على الانضمام إلى ركب يصحبهم، سواءً كان بريًا أو بحريًا.


في البداية، كان الحجاج المغاربة يشترون ما يحتاجونه من الزاد في مدينة سجلماسة المغربية. وكانوا يتزودون في الطريق حتى بلاد ورقلة في الجنوب الجزائري، التي ينزلون بها، ليأخذوا معهم عدتهم وآلة حربهم، ويشترون الغنم بغرض أكل اللحم، ويشترون الإبل لركوبها، كما شهدت المدينة التحاق الركب الجزائري بالمغربي في الطريق.


الجلد الأحمر، والقرنفل، والكحل، والسواك والزعفران كانت أهم السلع التي يبتاعها الحجاج المغاربة، بمجرد أن تطأ أقدامهم مدينة طرابلس، التي كانوا يشترون منها أيضا القمح لإكمال المسيرة.


كذلك، حرص الحجاج المغاربة على أخذ اللباس المناسب لكل الفصول، وكذلك الفراش والوسائد والشموع للإضاءة، والحبال وجميع أنواع الأواني التي قد يحتاجونها حتى وصولهم إلى الركب المصري.


الرحلة الحجازية


ولأن للمدينة المنورة مكانة كبيرة عند الحجاج المغاربة، فقد كانت الرحلة كلّها غالبا تسمّى بـ"الرحلة الحجازية". وكان أغلب الحجاج المغاربة يمكثون المدة الأطول من رحلتهم في المدينة المنوّرة، لما لها من وقع في نفوسهم المشتاقة لمدينة رسول الله.


ولا تزال قصص الأجداد الذين حجوا بيت الله الحرام، تروى في جميع أحياء المغرب، لتؤكد مدى تعلق أهلها بشعيرة الحج إلى بيت الله الحرام.

جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023