الصقور تمثل حضارة "المقر" المندثرة في اليونسكو
سبتمبر 2023,21


لا تتفاجأ إن رأيت صقرًا يتكئ على مقعد في درجة رجال الأعمال أو الدرجة الأولى قادمًا من رحلة دولية كما لو كان رجلًا ذا شأن اجتماعي رفيع، فرياضات الصيد في العالم تميل لأن تكون أنشطة يمتاز بها علية القوم، تمارس بأدوات باهظة، وتستخدم فيها حيوانات ذات رمزية اجتماعية رفيعة ترفع من تكلفة اقتنائها، كما الحال مع "البيزرة"؛ نشاط نبلاء الخليج والسعودية بالتحديد، وأحد تجليات الرجولة لدى آخرين.

البيزرة، وهي مفردة مأخوذة من طائر "الباز" الجارح؛ أرفع أنواع الصقور الحرة، هي نشاط يمارسه المتمرسون على توجيه وإدارة الصقور في الصحراء، وتقوم على استخدام الطيور الجارحة للصيد البري.

وسجلت السعودية هذا التراث الاجتماعي في قائمة "اليونسكو" كتراث غير مادي عام 2016، ووصفته بأنه "تراث إنساني حي" تتناقل فيه المعارف من جيل إلى آخر داخل الأسرة تحت إشراف من كبار صقّاريها وتوجيههم.

إلا أن هذا النشاط الشائع لدى محبي الصيد في السعودية يملك امتدادًا يصل إلى 10,000 سنة، وفقًا لوزارة السياحة في المملكة، التي تقدّمه كأحد العروض الحيّة التي تقدمها أمام زوارها.

وأضافت الوزارة أن الفرق البحثية اكتشفت أدلة على طيور تستخدم للصيد بشكل منظم بين بقايا حضارة المقرّ الحجرية الحديثة.

وتقع المقر في إقليم نجد وسط الجزيرة العربية، بين محافظتي وادي الدواسر وتثليث، ووجد الباحثون فيما وجدوا من بقاياها آثارًا لحضارة مارست الصيد كنشاط رياضي، عبر الصقور والكلاب، وكانت تقتني هذه الحيوانات وتستخدمها، وهو ما عده الباحثون دليلًا على ترفها.

وتقول لولوة الرشيد، وهي مرشدة سياحية: "بعض الحيوانات يعد امتلاكها أمرًا مرموقًا ووجاهيًا في بعض الثقافات، كالأحصنة مثلًا. في السعودية تعامل الصقور المعاملة نفسها".

وممارسة هذه الرياضة قد تكلف صاحبها ما يصل إلى ربع مليون ريال كمصاريف رأسمالية دون احتساب تكلفة رحلات الصيد.

وتكون رحلات البيزرة في مجموعات، يترافق فيها الصيادون للبحث عن فرائس يطبقون عليها ما علّموه لطيورهم الجارحة، ويجتمعون فيما بينهم في الأمسيات لرواية ما عملوه وشاهدوه في النهار.

 ويعتبر هؤلاء أن الصّقَارة صلة وصل مع الماضي، ولاسيما لدى المجتمعات التي لم يبقَ لها سوى القليل جدًا من الصلات مع بيئتها الطبيعية وثقافتها التقليدية.

وبحسب الدراسات الأثرية، فإن حضارة المقر ذات السبق في ممارسة هواية الصيد بالصقور قد بادت بسبب التصحر، إلا أن ممارستها الاجتماعية الأشهر ظلت متوارثة لدى إنسان المنطقة التي بنّت لبنتها الأولى فيها.


جميع الحقوق محفوظة لوزارة الإعلام | المملكة العربية السعودية © 2023